فلسطين- قصيدةٌ من دموعٍ وأحلامِ حرية

المؤلف: عبدالكريم الفالح08.31.2025
فلسطين- قصيدةٌ من دموعٍ وأحلامِ حرية

في ربوع فلسطينَ...

الأطفالُ يولدون وشمس التاريخ تشرق في عيونهم، يحملونَ عبء السنين على أكتافهم الغضة، كأنهم ألفُ عامٍ مضى.

على ظهورهم الصغيرة يحملونَ أمانة الحجارة، رمز الصمود والتحدي، وفي أعينهم بحارٌ واسعة من الدمعِ الحارق لا تهدأ أمواجها.

في فلسطينَ...

الزهورُ البرية تتفتحُ بعنادٍ من بينِ أنقاضِ البيوتِ المهدمة، تبعث الأمل في النفوس المحطمة.

الأمهاتُ الثكالى يُرضعنَ أطفالهنَّ اليتامى الحنينَ المرير بدلاً من الحليبِ، ممزوجاً بدموع الفقد والأمل.

ويكتبنَ بدم القلب أسماءَ شهدائهنَّ الأبرار على أرغفةِ الخبزِ، خبز الكرامة والعزة.

فلسطينُ...

ليست مجرد خريطةٍ باهتة معلّقة على جدران الأممِ الباردة، لا تعني لهم شيئاً.

وليست نشرةَ أخبارٍ عابرةٍ باردةٍ تمرُّ مرور الكرام كالسهمِ القاتل أمامَ عيونِ الغافلين عن الحق.

هي قلبٌ نابضٌ بالحياة والأمل، ينبضُ بالوجعِ العميق كلَّما ابتسمَ العالمُ بجفاءٍ وتجاهل لقضيتها العادلة. هي أنشودةٌ حزينةٌ مذبوحةٌ تبحثُ بيأس عن حنجرةٍ صادقةٍ لتغنّي بها للعالم أجمع.

وطنٌ عربيٌ أصيلٌ مسجونٌ خلفَ قضبانِ الصمتِ الطويلِ، صمت القوى المتآمرة.

في فلسطينَ...

السماءُ لا تمطرُ إلا دمعاً ساخناً، والشمسُ تشرقُ بخجلٍ وانكسار من هول دمارِ البيوتِ وتشريد أهلها.

القمرُ الفضي يتعثرُ بآهاتِ الأمهاتِ الموجوعات، يشاركهن الحزن والأسى.

في فلسطينَ...

يولدون أبطالاً تحتَ وابل الرصاصِ الغادر، متحدين الموت بصمودهم.

يحلمونَ بأرغفةٍ طازجةٍ من الحريةِ والكرامة، مغموسةٍ بماءِ العزةِ والإباء، خبزاً يسد رمقهم ويحفظ كرامتهم.

فلسطينُ...

مع كل طفلٍ يسقطُ شهيداً من يديكِ،

تسقطُ قصيدةٌ دامعةٌ من دفتري، حزناً وألماً.

وتنكسرُ زهرةُ ياسمينٍ بيضاء في حدائقي، رمزاً للجمال الذي يقتله الظلم.

سنبقى نحفظُ اسمَكِ خالداً في قلوبنا كما تحفظُ الأمُّ دموعَ وليدها الغالي، وسنكتبُ عنكِ يا حبيبتي حتى يجفَّ الحبرُ في الأقلام،

وتنام القصائدُ المرهقة على وسادةِ السلامِ المنشود الذي طالَ انتظارهُ بفارغ الصبر.

الأطفالُ صغارٌ أبرياء هبطوا من غيمةٍ ممزقةٍ بفعل القصف والدمار،

يحملونَ في عيونِهم خارطةَ الوطنِ الأخضر، وفي قلوبِهم بركانَ الرفضِ للظلم والاحتلال.

أكتافُهم نحيلةٌ وصغيرةٌ، لكنَّها قادرة على أن تشيلُ الجبالَ الراسيات بثباتها وصمودها...

وفي أكفّهم الصغيرة الحنّاءُ الحمراء من دمعِ الأمهاتِ لا من أعراسِ الفرح، حناء العزاء والفخر بالشهادة.

الريحُ تعزف أسماءَ الشهداءِ لحناً خالداً كما تحفظُ الأمُّ ضحكةَ طفلِها،

والمآذنُ الشامخة تبكي بصمتٍ، وتنوح حزناً على الفقدان،

والأرضُ السمراء تُرضعُ جذورها الظامئة حليبَ الصبرِ والدموع، لتظل شامخة صامدة.

فلسطينُ...

قصيدةٌ ثوريةٌ معلّقةٌ بين الحناجرِ الثائرة والخناجر الغادرة والحجارة الصامدة،

تُصلبُ كلَّ صباحٍ على شاشات الأخبار الصامتة،

وتُبعثُ حيةً كلَّ مساءٍ في عيونِ يتامى فلسطين يبحثونَ بلهفة عن وطنٍ آمنٍ ومستقرٍ

في حقائبِ المدرسةِ المدرسية وبين دفاترِ الحلمِ الوردي الذي يتبدد كل يوم.

سنكتبُ عنكِ يا فلسطين...

لأننا إن صمتنا،

ماتت الحروفُ خجلاً من التقصير،

وماتت القصائدُ قهراً على شرفاتِ اليأس والقهر.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة